يندهش الآباء والأمهات كثيرا من أن أبناءهم يتعاملون بعنف شديد وعدوانية مع إخوانهم الأصغر منهم، وإتباعهم لأسلوب لا يجب أن تتسم به المشاعر بين الأخوات،
ولكنهم على العكس تماما مع الأصدقاء أو مع أى شخص غريب خارج المنزل، ضعفاء إلى حد كبير مع أصدقائهم ويتعاملون بأسلوب هادىء جدا ومختلف تماما قد يصل إلى عدم ثقة بالنفس وضعف للشخصية التى يتم فرضها فقط وبحدة فى المنزل وعلى الأخوات...
غادة السمان المستشار الأسرى والتربوى تعلق على ذلك وتقول: إن العدوانية وضعف الشخصية وفقدان الثقة بالنفس كلها نتائج التربية غير السليمة للأبناء، فالابن العدوانى هو ضحية لعنف التربية سواء عنف مادى (ضرب) أو عنف معنوى (شتم، إستهزاء، نقد)، وهذا الطفل الذى تم الاعتداء عليه من والديه أو أحدهما أو المدرسين فى المدرسة لم يستطع أن يرد على هؤلاء الكبار عدوانهم، لذلك نجده يحول عنفه لإخواته أو لألعابه وأدواته كنوع من التنفيس عن طاقة الغضب المكبوتة داخله، كما أنه تعلم من الكبار سواء فى المنزل أو المدرسة أن العنف هو وسيلة للتعامل ولتنفيذ مايريد وللتعبير عن رأيه لمن يخالفه، وهنا التعامل معه يتم على جزءين: أولا يجب وقف الممارسات العنيفة معه من ضرب وشتم واستهزاء ونقد ولوم، وثانيا يجب اعتماد الحوار معه وإعطاء أوامر أو طلبات واضحة ومبررة ليفهم مسئوليته، كما يجب أيضا إستخدام أسلوب الحزم كبديل عن العنف عن طريق الثبات على الطلب والثبات على الثواب أو العقاب حسب إستجابة الابن، بالإضافة لجلسات تعديل السلوك مع أخصائى لتقويمه إذا احتاج الأمر.
وعن الابن فاقد الثقة فى نفسه فهو غالبا شخص اعتمادى، وهنا على الوالدين أن ينتبهوا لخطورة التدليل والخوف الزائد اللذين يمنعان الطفل من الاعتماد على نفسه بالتدريج تبعا لعمره، وعلاج الشخص الاعتمادى يتم عن طريق التدرج فى إسناد مهمات له وتشجيعه كلما حقق إنجازا ولو بسيطا.
أما فقدان الثقة بالنفس فهو جزء من ضعف الشخصية مضاف إليه عدم القدرة على اتخاذ القرار لأن الوالدين اعتادا اتخاذ القرارات له بدلا منه، كاختيار الطعام أو الملابس أو الأصدقاء والدراسة.. كل هذا يسلب الابن شخصيته ويجعله فريسة سهلة لأى إنسان آخر يسيطر عليه ويوجهه، وغالبا ما يحدث ذلك فى فترة المراهقة، فيحاول المراهق الهروب من سيطرة الوالدين والاعتماد عليهم ويضع نفسه تحت تصرف أصدقائه، ويجب على الوالدين هنا إعطاء الابن الفرصة لإختيار ملابسه وأصدقائه، ألعابه أو أدواته الشخصية، مع الأخذ برأيه فى بعض الأمور الأسرية مثل الطعام أو الرحلات، وعدم تسفيه رأيه أو الاستهزاء به، لكن احترامه ومناقشته، فأولادنا هم مرآة تعكس تربيتنا لهم.